 |  |  |
 |
"إسرائيل" أولا
والحقيقة ان قضية أولويات السياسة والأمن القومي ، ليست مسائل هلامية ، متروكة للاجتهاد لمن يشاء ، فهي مسائل محددة تاريخيا وموضوعيا منذ قرون طويلة ، فنظريات ومحددات الأمن القومي للأمم المختلفة تتبلور مع نشأة هذه الأمم وميلادها . فهى ليست وجهة نظر إيديولوجية
|
|
|
|  |
 |  | 
|
|
عنوان هذه الصفحة على الإنترنت هو ما يلي. يمكنك نسخة ولصقه على رسائلك الإلكترونية أو صفحات الويب http://pcr.misrians.com/articles?345
|
"إسرائيل" أولا
ترفع الإدارة المصرية شعار " مصر أولا " فى مواجهة المطالب الوطنية المستمرة بالانسحاب من كامب ديفيد ، والعودة الى نصرة مصر و فلسطين وباقى الأمة فى مواجهة العدو الصهيونى .
وهى ليست المرة الأولى التي يرفعون فيها هذا الشعار ، وإنما هو شعار قديم ونهج أصيل منذ عام 1974 .
وكان أول من طرحه علانية بجرأة وتبجح ، هو توفيق الحكيم عام 1978 ، عندما كتب مقال بجريدة الأهرام بعنوان ، حياد مصر ، طالب فيه إن تقف مصر على الحياد بين العرب و إسرائيل ، وأن تتخذ ذات السياسة التي انتهجتها سويسرا في أوروبا ، حيث وقفت دائما على الحياد بين الدول المتحاربة في الحربين العالميتين الأولى والثانية .
ومن وقتها دأبت مصر الرسمية ورجالها على استدعاء هذا الشعار في مواجهة القوى الوطنية المصرية الغاضبة بعد كل عدوان جديد على فلسطين او لبنان او العراق .
و آخرها العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى ومدينة القدس . وقبلها الجدار الفولاذي . وقبلها إغلاق المعبر والحصار والحرب الصهيونية على غزة وهكذا .
* * *
والحقيقة ان قضية أولويات السياسة والأمن القومي ، ليست مسائل هلامية ، متروكة للاجتهاد لمن يشاء ، فهي مسائل محددة تاريخيا وموضوعيا منذ قرون طويلة ، فنظريات ومحددات الأمن القومي للأمم المختلفة تتبلور مع نشأة هذه الأمم وميلادها . فهى ليست وجهة نظر إيديولوجية او نقاط برنامجية لهذا الحزب او ذاك . إنها مسائل ثابتة و قديمة ، قدم الأمم ذاتها .
* * *
ولقد تبلورت فلسفة امننا القومي منذ الفتح الاسلامى ، فلقد تعربنا جميعا منذ ذلك الحين ، وتحولنا من أجزاء وأقوام وشعوب وقبائل متعددة متفرقة مهزومة محتلة ، الى امة عربية إسلامية واحدة .
فقبل ذلك ، كانت مصر قابعة تحت الاحتلال الاجنبى الغربي ما يقرب من 1000 عاما متصلة ، منذ الاحتلال المقدوني على يد الاسكندر الاكبر عام 332 قبل الميلاد حتى عام 640 ميلاديا .
و لم ينجح سكان مصر او اى من جيرانها فى التحرر والاستقلال أبدا طوال عشرة قرون ويزيد .
وهو ما بللور حقيقة موضوعية وهى انه من المستحيل على اى قطر فى المنطقة ان يتحرر من الاحتلال الاجنبى ويحافظ على استقلاله ، ويتطور وينمو ويتقدم ويتنافس مع الآخرين بصفته وحدة قومية و سياسية قائمة بذاتها .
وهو ما أثبتته الأحداث بعد ذلك ، فبالفعل بعد الفتح الاسلامى والتعريب والوحدة ، ظلت الأمة وفى القلب منها مصر ، محررة ومستقلة على امتداد أكثر من 12 قرنا .
وحتى حين حاولت الغزوات الغربية العودة إلى احتلالنا مرة أخرى عام 1096 فيما عرف بالحروب الصليبية ، نجحنا بعد طول عناء وقتال فى إعادة تحرير أراضينا المحتلة ، وفى طرد الخواجات وإعادتهم من حيث أتوا . وكانت آخر إمار ة صليبية حررناها هى عكا عام 1291 .
إما داخليا فعلى مدار هذا التاريخ العربي الاسلامى الطويل ، حكمت الأمة أحزاب متعددة متتالية متنافسة ومتصارعة ، بدءا بالأمويين ثم العباسيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين ..الخ
و قد نختلف او نتفق على تقييم هذا العصر او ذاك ، ولكنها كانوا جميعا يتميزون بأنهم من داخل الأمة وليسوا من خارجها . من هذا البر وليسوا من البر الثانى ، او كما يقول المثل الشعبي منا فينا ، ليس بيننا غريب .
* * *
وعندما أراد الاستعمار الغربي الجديد ، منذ 1798 وما بعدها ان يضمن ، عدم توحد الأمة مرة أخرى ، بغرض إضعاف مناعتها ومقاومتها وإبقاءها محتلة طول الوقت ، قام بضرب الحزب العربي الجديد المتمثل فى دولة محمد على الوليدة التي كانت على وشك وراثة الدولة العثمانية وتجديد شباب الأمة .
ثم استكمل احتلال باقي الأقطار وتجزئتها بعد الحرب العالمية الأولى وقام باقتسامها وتوزيعها على المنتصرين كغنائم حرب .
و منذئذ لم تقم لنا قائمة حقيقية ، اللهم إلا بضعة سنوات من التحرر بعد الحرب العالمية الثانية ، والتى سرعان ما وئدت بالاغتصاب الصهيوني لفلسطين 1948/ 2010 ، ثم بالاحتلال الامريكى للخليج 1991 ، وللعراق 2003/ 2010
* * *
إذن الأمن القومي هو بالضرورة امن عربي ، ولا مكان لما يسمى بالأمن القطري ، فلا يمكن تاريخيا وعلميا الحديث عن الأمن القومي المصري ، إلا إذا كان يمكننا الحديث عن امن قومى للقاهرة وحدها ، وكلاهما مستحيل .
ومن ثم فاختراع نظريات "مصر أولا" و "امن مصر القومي" وغيرها ، يتناقض مع حقائق الجغرافيا و التاريخ ، وهى نظريات سقطت منذ 2400 عاما ، كما انها فى النهاية إعادة رجعية للوضع الفاشل المهزوم المندثر الذى كان قائما قبل الفتح العربي الاسلامى .
ومثل هذه التوجهات قد أدت بالفعل إلى نتائج وخيمة متوقعة وحتمية : لم يكن أولها هو العجز عن تحرير فلسطين ، ونمو "إسرائيل" وترعرعها تحت عين وبصر كل الدول العربية ، وإنما الأخطر كان هو عودة الأمة كلها إلى براثن الاحتلال او التبعية الأجنبية . عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل الميلاد.
* * *
وهذه التبعية تتجلى آثارها في مصر فى أمور كثيرة ، يأتي على رأسها قيام الإدارة المصرية بتنفيذ كل توجيهات الولايات المتحدة في كل ما يخص أمن إسرائيل.
وهى تنفذ هذه التوجيهات ، رغم أن خبراءها يعلمون ويدركون جيدا انها ضد المصلحة الوطنية لمصر ، وهو ما قد يفسر ما يظهر في البداية من الاعتراض و التباطؤ والتلكؤ المصري فى التنفيذ .
ولكنه اعتراض لا يدوم، فسرعان ما تنكسر الإرادة تحت الضغوط الأمريكية.
* * *
و بدءا بتجريد سيناء من السلاح المصري 1974/ 1979 ، والانسحاب من الحرب ضد العدو . و مرورا بالضغط على منظمة التحرير الفلسطينية 1982/ 1993 للاعتراف "بإسرائيل" . و استقطاب كل الدول العربية الى قبول السلام مع "اسرائيل" والتنازل عن فلسطين فيما عرف بمبادرة السلام العربية 1982/ 2003 . و انتهاءا بالمشاركة المصرية فى الحصار الصهيوني على غزة بإغلاق المعبر والقضاء على الأنفاق 2007/ 2010 . والضغط على المقاومة وإكراهها ، لإرغامها على المصالحة والقبول باتفاقيات أوسلو والاعتراف "بإسرائيل" وانهاء المقاومة وإلقاء السلاح ...الخ
كل ذلك وغيره لم تكن إلا خطوات لصالح وخدمة امن الصهاينة وليس امن المصريين .
* * *
فان كنتم تبحثون عن شعار ، فالشعار الأصدق هو " إسرائيل أولا " .
لا مصر ولا يحزنون .
* * * * *
محمد سيف الدولة
القاهرة فى 25 مارس 2010
|
|
| |
على هذه اللوحة يمكنك كتابة تعليقاتك بحرية كاملة دو تدخل، فقط لا يجب أن تزيد على 512 حرفا. يمكنك تزيين تعليقك بأكواد إتش تي إم إل إذا كنت تعرف هذه الأكواد. بمكنك مثلا وضع خط تحت بعض العبارات أو إبرازها أما الإنتقال إلى سطر جديد فهذا يتم بالضغط على مفتاح سطر جديد ولا داعي لكتابة الكود الخاص بذلك. الحروف التي تكون الأكواد محسوبة ضمن الحد الأقصى للحروف - 512. الإسم والبريد الإلكنروني إختياريان وإذا أردت إخطارك بالتعليقات التي تضاف إلى هذه اللوحة عليك تعليم حقل [أخبرني بالتعليقات المضافة على هذه اللوحة] وفي هذه الحالة يجب كتابة بريك الإلكتروني. |
|
|
|
|
نشـرها: [عزت هلال] بتــاريخ: [2010/04/04]
|
إجمالي القــراءات: [73] حـتى تــاريخ [2018/04/22] التقييم: [0%] المشاركين: [0]
|
|
الآراء والأفكار والإبداعات المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها وهو المسئول الوحيد عنها وليس بالضرورة أن تتوافق مع موقف إدارة الموقع. من حق أعضاء الموقع التعليق عليها ونقدها ولكي ترفع من الموقع يجب أن يقل تقييم عدد من القراء لا يقل عن 250 قارئ عن 25%. |
|